الدورة الثانية و العشرون لمهرجان الأغنية التونسية

شأنها شأن باقي التعبيرات الفنية الملتزمة، ليست الأغنيات سوى توثيق للحظات اضطهاد تتجاوز بُقعة حزنها مساحة وجدان الصبر . فتثور قريحة الشاعر كمد و يصدح صمت الملحن ألما لتخترق آهات المغنين حواجز اليأس و الخضوع. نُخطئ التعميم أحيانا، حين نختزل أهازيجنا في بعدها الاحتفالي، فنتناسى بذلك أن أصدق ما يوثّق جراحنا هي تلك الأغاني التي صقلت ألحانها سيول الألم و نظمت أشعارها أصداء الوجع. فمهما بلغ ثراء الكلمات قدرة على توثيق معاناة الانسان، فانها لا تعدو أن تكون سردا رتيبا لوقائع عابرة بأرقام جافة وحروف نافقة، طعنت أحاسيسها ريشة مؤرخ وألقتها عنوة على هوامش الصفحات. في المقابل تحيي الأغاني بنبلها معاناة الشعوب وواقعا يأبى النسيان لتنتفض الضمائر  إحساسا بالقهر و تهتز إرادة الانسان توقا لتحرر أخيه الانسان، فلا يسقط حق بالتّقادم خارج زمانه ولا نأمن للوجع ببُعد المكان. فكيف لتونس بإرادة شعبها الصادق و موقف قيادتها الثابت أن تُقيم  أهم تظاهراتها الثقافية دون شحذ همم أشقائنا وذوينا في فلسطين الأبية . لنلتزم بالمقاومة فنّا و موقفا تقوم عليه الدورة الثانية والعشرون من مهرجان الأغنية التونسية التي نعلن شعارها بكل فخر و التزام لأجلك يا فلسطين

الدكتورة حياة قطاط القرمازي

وزيرة الشؤون الثقافية

السيدة هند المقراني

المديرة العامة للمؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات و التظاهرات الثقافية و الفنية

لئن تحسست الأغنية التونسية بتراكم تجاربها خطى البحث و الابداع، فما كان لمهرجانها الا أن يتزين دورة بعد دورة، بحلل فرسانها المرصعة بلآلئ النظم شعرا و رهيف الحس لحنا . هذا ما يفسر تعطش الجمهور من تونس وخارجها لطابع أغنيتنا المميز و خصوصية لهجتنا و ثقافتنا المقتفية لأثر تعاقب الحضارات. انفتاح على قيم الجمال احتفالا و على قيم الكون انتصارا لقضايا الانسان. فما كان للأغنية التونسية في مهرجانها الا أن تترجم إرادة تونس قيادة وشعبا   في إعلاء صوت الشعب الفلسطيني المقاوم، ليكون الركح متاحا للتعبير عن المقاومة الفلسطينية ونصرتها، فكل لحن مقامه صيحة طفل ملاك تحت انقاض الغزو و استنطاقا لكل شيطان أخرس. نفتتح الدورة الثانية والعشرين من مهرجان الاغنية التونسية تحت شعار  » لأجلك يا فلسطين  » في هذا الظرف الانساني القاهر ، فبالفن نقاوم ونرجو من  من كل ضيوف تونس و أبنائها من شعراء و ملحنين و موزعين و عازفين ومغنين و من كل الصحفيين والنقاد و جمهور الأغنية الذواق ان نسجل لحظة ثقافية فارقة يشق وميضها ثوب الحصار البالي الذي يحجب عن العالم جمال فلسطين وثراء ثقافتها

السيدة سلوى بن حفيظ

رئيسة لجنة تنظيم و مديرة  الدورة الثانية والعشرين لمهرجان الأغنية التونسية

لقد فاقت صور العنف والمجازر والدمار الفاحش التي اجتاحت العالم من كل حدب وصوب، والتي انتفض من هول بشاعتها المجتمع الانساني فاهتز لفضاعة مشاهد انتهاك فاقت في قسوتها ما أرخته مجازر انتهاك المورسكيين (سقوط غرناطة1492 محاكم التفتيش) و « هولوكست » تعذيب اليهود وإبادتهم إبان الحرب العالمية الثانية(معسكرات الاعتقال والإبادة الجماعية)، الا أن مشاهد الجور الحالية التي استهدفت الأطفال الرضع والحدج وانتهكت حرمة نساء وشبان يافعين معزولين لأسر مستضعفة،  واستهدفت كيانهم بشتى أنواع العنف المادي والمعنوي، فقصفت اثارهم ودحضت رموز معتقداتهم  وشوهت تراثهم ونكلت بمؤثوراتهم

في ظل هذا العنف غير المسبوق وأمام فحش هذه الانتهاكات ضد الإنسانية عامة في قلب غزة المضطهدة تحديدا، ضجت كل شعوب العالم وكانت تونس سباقة كعادتها لرفع صوتها مناصرة للعدل محتجة ضد كل أشكال الظلم والطغيان. وقد أبت الا ان تناصر القضية الفلسطينية وتحيي المقاومة الفلسطينية من خلال هذه المساحة الخاصة، حيث خصصت محور مهرجان الأغنية التونسية حول المقاومة الفلسطينية: فورد شعار المهرجان بعنوان « لأجلك يا فلسطين » وهي دورة استثنائية أرادت تونس من خلالها فتح المجال للمبدعين التونسيين خاصة والفنانين العرب عامة للتفاعل مع الاحداث التي أدمت القلوب وترجمتها من خلال إبداعات تتلاقح فيها الكلمات والألحان والحناجر لتعبر عن هذه الحرقة وتعطي دفعا معنويا تسطر من خلالها مساندتها لاخواننا في غزة. غزة الكرامة والانفة والشموخ

عادل بندقة

المدير الفني للدورة الثانية و العشرين لمهرجان الأغنية التونسية

رسمت الاغنية معالم ملحمة المقاومة الفلسطينية منذ سنوات وحوّلت المأساة إلى ملحمة إنسانية وخلدتها، لتبقى الأغنية شاهدة على مقاومة شعب الجبارين ومعجزة العصر  الحديث . وفي هذا الاطار ينال مهرجان الاغنية منذ تأسيسه شرفا عظيما بتخصيص دورته الثانية والعشرين للمقاومة الفلسطينية، ويُعتبر ذلك وساما للمهرجان ولكل موسيقي ومساهم في صياغة الأغنية وفاعل ثقافي في الوطن، تفخر به الاجيال ويرويه الاجداد للاحفاد . عاشت فلسطين ، عاشت تونس ، والمجد للشهداء